باب النهي أن يخطب الرجل على خطبة أخيه#
متن:
بَابُ النَّهْيِ أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ 2634 - ( عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { : الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ فَلَا يَحِلُّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَبْتَاعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ ، وَلَا يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَذَرَ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ ) . 2635 - ( وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَنْكِحَ أَوْ يَتْرُكَ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ ) 2636 - ( وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ الرَّجُلِ حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ )
شرح:
قَوْلُهُ : ( أَنْ يَبْتَاعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ ) قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي كِتَابِ الْبَيْعِ قَوْلُهُ : ( وَلَا يَخْطُبُ . . . إلَخْ ) اُسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى تَحْرِيمِ الْخِطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ لِقَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ : " لَا يَحِلُّ " وَكَذَلِكَ اُسْتُدِلَّ بِالنَّهْيِ الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ : { نَهَى أَنْ يَبِيعَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ أَوْ يَخْطُبَ } وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ : { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ } وَقَدْ ذَهَبَ إلَى هَذَا الْجُمْهُورُ ، وَجَزَمُوا بِأَنَّ النَّهْيَ لِلتَّحْرِيمِ كَمَا حَكَى ذَلِكَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي . وَقَالَ الْخَطَّابِيِّ : إنَّ النَّهْيَ هَهُنَا لِلتَّأْدِيبِ وَلَيْسَ بِنَهْيِ تَحْرِيمٍ يُبْطِلُ الْعَقْدَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ قَالَ الْحَافِظُ : وَلَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ كَوْنِهِ لِلتَّحْرِيمِ وَبَيْنَ الْبُطْلَانِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ بَلْ هُوَ عِنْدَهُمْ لِلتَّحْرِيمِ وَلَا يُبْطِلُ الْعَقْدَ وَحَكَى النَّوَوِيُّ أَنَّ النَّهْيَ فِيهِ لِلتَّحْرِيمِ بِالْإِجْمَاعِ ، وَلَكِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي شُرُوطِهِ ؛ فَقَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ : مَحِلُّ التَّحْرِيمِ إذَا صَرَّحَتْ الْمَخْطُوبَةُ بِالْإِجَابَةِ أَوْ وَلِيُّهَا الَّذِي أَذِنَتْ لَهُ ، وَبِذَلِكَ قَالَتْ الْهَادَوِيَّةُ ، فَلَوْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِالرَّدِّ فَلَا تَحْرِيمَ ، وَلَيْسَ فِي الْأَحَادِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ الْإِجَابَةِ وَأَمَّا مَا اُحْتُجَّ بِهِ مِنْ قَوْلِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إنَّ مُعَاوِيَةَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَاهَا فَلَمْ يُنْكِرْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا بَلْ خَطَبَهَا لِأُسَامَةَ فَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَا خَطَبَاهَا مَعًا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ الثَّانِي بِخِطْبَةِ الْأَوَّلِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَارَ بِأُسَامَةَ وَلَمْ يَخْطُبْ كَمَا سَيَأْتِي وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خِطْبَةً فَلَعَلَّهُ كَانَ بَعْدَ ظُهُورِ رَغْبَتِهَا عَنْهُمَا وَظَاهِرُ حَدِيثِ فَاطِمَةَ الْآتِي قَرِيبًا أَنَّ أُسَامَةَ خَطَبَهَا مَعَ مُعَاوِيَةَ وَأَبِي جَهْمٍ قَبْلَ مَجِيئِهَا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ : لَا تَمْتَنِعُ الْخِطْبَةُ إلَّا بَعْدَ التَّرَاضِي عَلَى الصَّدَاقِ ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ دَاوُد الظَّاهِرِيُّ : إذَا تَزَوَّجَهَا الثَّانِي فُسِخَ النِّكَاحُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ ، وَلِلْمَالِكِيَّةِ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ ؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : يُفْسَخُ قَبْلَهُ لَا بَعْدَهُ قَالَ فِي الْفَتْحِ : وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ الْخِطْبَةُ وَهِيَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ فَلَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ بِوُقُوعِهَا غَيْرَ صَحِيحَةٍ قَوْلُهُ : ( لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ الرَّجُلِ ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ الْفَاسِقِ وَلَا عَلَى خِطْبَةِ الْكَافِرِ ، نَحْوُ أَنْ يَخْطُبَ ذِمِّيَّةً فَلَا يَجُوزُ لِمَنْ يُجَوِّزُ نِكَاحَهَا أَنْ يَخْطُبَهَا ، وَلَكِنَّهُ يُقَيِّدُ هَذَا الْإِطْلَاقَ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ : " لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ " فَإِنَّهُ لَا أُخُوَّةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ ، وَبِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ : " الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ . . . إلَخْ " فَإِنَّهُ يُخْرِجُ بِذَلِكَ الْفَاسِقَ ، وَإِلَى الْمَنْعِ مِنْ الْخِطْبَةِ عَلَى خِطْبَةِ الْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ قَالُوا : وَالتَّعْبِيرُ بِالْأَخِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ وَذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهَا تَجُوزُ الْخِطْبَةُ عَلَى خِطْبَةِ الْكَافِرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ . قَوْلُهُ : ( حَتَّى يَتْرُكَ ، وَفِي حَدِيثِ عُقْبَةَ حَتَّى يَذَرَ ) فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْآخَرِ أَنْ يَخْطُبَ بَعْدَ أَنْ يَعْلَمَ رَغْبَةَ الْأَوَّلِ عَنْ النِّكَاحِ وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا : { حَتَّى يَنْكِحَ أَوْ يَدَعَ } قَالَ الْحَافِظُ : وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ